درس التطور التاريخي والتميز العماني
تجدون في هذا الموضوع درس التطور التاريخي والتميز العماني ضمن دروس مادة الدراسات الاجتماعية الفصل التاسع الفصل الدراسي الثاني سلطنة عمان
درس التطور التاريخي والتميز العماني
أتعلم في هذا الدرس :
- عوامل ازدهار الملاحة العمانية.
- مراحل تطور الملاحة عند العمانيين .
- أهم الطرق والمراكز التجارية العمانية .
- معنى المفاهيم والمصطلحات والأسماء الآتية :
- المقومات الطبيعية المقومات السياسية ، فرقاطة ، الصاري والشراع التجارة البحرية ، جنجانا ، سلطانة ، خدمات لوجستية .
تطل سواحل عمان لمسافات طويلة على مياه المحيط الهندي ، وتشكل هذه السواحل همزة الوصل بين سواحل هذا المحيط. وهو ما أدى إلى تحكم موانئ الساحل العماني بشبكة الطرق الملاحية لفترات طويلة عبر العصور التاريخية
وقد بدأت عمان دورها الحضاري منذ ظهور الحضارات الأولى في الهندوبلاد الرافدين ، واستمر هذا الدور بكل نشاط عبر العصور الإسلامية
وفي عهد النهضة تجدد الدور الحيوي للملاحة البحرية العمانية بفضل اهتمام جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم طيب الله ثراه) ، وأصبحت الملاحة البحرية العمانية تمتلك شتى أنواع السفن التجارية والمتخصصة منها للدفاع عن شواطئ عمان .
وعند الحديث عن التطور التاريخي للملاحة العمانية نتساءل عن العوامل التي أدت إلى أهمية دور عمان في مجال الملاحة والتجارة والاتصال ، وللإجابة عن ذلك لا بد من دراسة الآتي :
أولا: العوامل والمقومات الطبيعية
ارتبط توجه العمانيين نحو البحر وشهرتهم بالملاحة البحرية بالظروف الطبيعية للأرض العمانية ، وبالمقومات التي أفرزها موقع هذه الأرض ، وذلك من حيث :
- يسود الجفاف معظم أراضي سلطنة عمان الأمر الذي يتعذر معه الاعتماد الكلي على النشاط الزراعي.
- تحيط المياه بالسلطنة من ثلاث جهات وتحيط الرمال بها من الجهة الرابعة ، فأصبح البحر والأنشطة المرتبطة به الواجهة الأفضل للعمانيين .
- تقع السلطنة بين مناطق مناخية متباينة وذات إنتاج حضاري مختلف ، وكل هذه المناطق بحاجة إلى سلع ومنتجات المناطق الأخرى ، فكان للعمانيين دور الوسيط الناقل للسلع والمنتجات والإنجازات الحضارية .
- صلاحية الساحل العماني في كثير من المناطق لإقامة الموانئ التي شكلت شبكة من الطرق البحرية مع موانئ الساحل الهندي والساحل الشرقي لأفريقيا .
- ساعدت حركة التيارات البحرية والرياح الموسمية ( الشتوية والصيفية ) العمانيين على ركوب البحر ، فهي تخدم حركة السفن عند إقلاعها من الموانئ العمانية وعودتها إليها في نهاية الموسم الملاحي .
ثانيا: المقومات التاريخية والسياسية والأمنية
تشير الدراسات التاريخية والأثرية إلى أن كل الجماعات البشرية التي سكنت السواحل العمانية، اضطرت لاستغلال إمكانيات سواحلها الغنية مقارنة بإمكانياتها البرية ، وتدل المكتشفات الأثرية على تلك النشاطات الملاحية العمانية منذ القدم .
ويؤكد العديد من المؤرخين أن الساحل العماني كان المهد الأول الذي ظهرت فيه الخبرات الملاحية الفينيقية ، قبل تحركهم إلى جزر البحرين ثم إلى سواحل بلاد الشام . وهكذا استمر العمانيون في مختلف العصور في ارتياد البحر ، فعرفوا مواعيد الإبحار ومواقيت هبوب الرياح الموسمية ، وحركة التيارات البحرية ، وكونوا لأنفسهم خبرات طويلة في هذا المجال، وهو ما جعل تاريخ الملاحة العمانية من بين أقدم التواريخ وموضع فخر واعتزاز للمواطن العماني .
ولقد أسهمت العوامل السياسية في تطور الملاحة البحرية العمانية ، حيث حرصت الدولة العمانية عبر تاريخها على إقامة علاقات حضارية جيدة مع الحضارات والدول المجاورة ( الهند ، بلاد الرافدين ، مصر ، السواحل الشرقية لأفريقيا ) .
كما ساعدت الجوانب الأمنية التي تميزت بها السواحل العمانية على تطور الملاحة العمانية ، حيث كانت هذه السواحل بعيدة عن الصراعات والاضطرابات التي تحدث في غيرها من المناطق ، يضاف إلى ذلك حرص الدولة العمانية على تأمين الملاحة البحرية وحمايتها من القرصنة ، الأمر الذي كان له الأثر الطيب في زيادة ثقة المتعاملين والتجار من مختلف الدول ، وسهل من رحلاتهم الملاحية . وهذا بدوره أسهم في زيادة موارد الدولة من هذا القطاع المهم .
مراحل تطور الملاحة عند العمانيين
1- في العصر القديم :
يعود تاريخ الملاحة البحرية في عمان إلى أقدم عصور التاريخ ، وذلك من خلال محاولات الإنسان العماني قديماً الإبحار باستخدام الصاري والشراع ، وقد ارتاد العمانيون البحار سعيا وراء التبادل التجاري مع الشعوب المجاورة ، وكانوا في طليعة رواد البحار والمحيطات منذ العصور التاريخية القديمة، فلا غرابة أن تصف المصادر السومرية القديمة أهل عمان برواد الملاحة البحرية
وتشير المصادر التاريخية القديمة إلى أن العمانيين امتلكوا في نهاية القرن الثالث قبل الميلاد أسطولاً بحرياً قوياً ، وكان وسيلة فاعلة في نقل حضارة بلاد الرافدين إلى الهند وفارس .
2- في عصر الدولة الإسلامية ) من القرن السابع حتى الخامس عشر الميلادي ) :
كانت لعمان مكانة خاصة في التاريخ العربي الإسلامي ، وهي من البلدان التي اعتنقت الإسلام طوعاً واستجابت لدعوته، وأصبحت إحدى قلاعه الحصينة إلى اليوم
وكان للعمانيين دور في نشر الإسلام في جميع المناطق التي وصلوا إليها طوال عصر عمان التجاري الذهبي وإبان ازدهار الملاحة الإسلامية في المحيط الهندي من القرن السابع حتى القرن الخامس عشر ، إذ كان التجار العمانيون يقومون بنشر الرسالة الإسلامية في أماكن بعيدة في أفريقيا والهند والصين .
ونتيجة لذلك ازدهرت مدن عمان الساحلية ، وأصبحت من الموانئ المهمة للتجارة بين الشرق والغرب وذات بعد عالمي ، وفي طليعتها مدينة صحار عاصمة عمان القديمة .
3 – في عصر اليعاربة ( ١٩٣٤ – ١٧٤١ م ) :
استطاعت دولة اليعاربة أن تضع يديها على العنصر الفاعل في التاريخ العماني وهو ارتباط البحر باليابسة ، إدراكاً منها لأهمية موقع البلاد على خريطة الملاحة العالمية .
ولقد نجح اليعاربة في إعداد قوة بحرية استطاعت تعقب البرتغاليين في الخليج العربي والمحيط الهندي، ولم يكتف اليعاربة بخبرتهم المحلية بل طوروا سفنهم مستفيدين من التقدم الكبير الذي طرأ على صناعة السفن الأوروبية .
وشهدت الفترة بين عامي ( ١٦٥٠ و ١٦٥٢ م) نشاطاً بحرياً عمانياً أقلق الإنجليز والهولنديين حيث تمكن الإمام سلطان بن سيف من الاعتماد بالكامل على السفن الحديثة التي بني بعضها في الهند وبعضها الآخر تم شراؤه من الهولنديين ، يضاف إلى ذلك الإفادة من السفن التي وقعت بأيدي العمانيين بعد طرد البرتغاليين ، واستخدام المدافع المتطورة التي كانت بكفاءة المدافع الأوروبية نفسها .
وكان تطور البحرية العمانية لافتاً خلال النصف الثاني من القرن السابع عشر ، ويعد مؤشراً عملياً للتطور الاقتصادي الذي حققه العمانيون خلال هذه الفترة ، حيث شغلت التجارة فيه حيزاً مهماً ، لا سيما وأن نهاية الوجود البرتغالي في عمان كانت نهاية عملية السياسة الاحتكار التي فرضها البرتغاليون على موانئ الخليج العربي والمحيط الهندي منذ بداية القرن السادس عشر الميلادي .
4 – في مصر الدولة البوسعيدية ( ١٧٤١ م – إلى عصر النهضة ) :
واصلت عمان في زمن الدولة البوسعيدية اهتمامها بالأسطول البحري العماني ، وكان عنصراً فاعلاً في تقوية نفوذها في المناطق البحرية . ولعل عهد السيد سلطان بن أحمد ( ۱۷۹۲ / ١٨٠٤ م ) يمثل نقلة جديدة في الأسطول العماني، وكان الأسطول التجاري في عهده يضم خمس عشرة سفينة كبيرة تتراوح حمولة الواحدة منها ما بين أربعمائة وسبعمائة طن إلى جانب المئات من السفن الصغيرة ، أما الأسطول الحربي فكان على جانب كبير من القوة والكفاءة .
وفي عهد السيد سعيد بن سلطان ( ١٨٠٤ – ١٨٥٦م ( كان الأسطول العماني يأتي في المرتبة الثانية بعد الأسطول البريطاني في المحيط الهندي من حيث قوته وتعداده ، وكانت له قواعد رئيسة على الساحل الشرقي للخليج العربي في موانئ بوشهر ولنجا و بندر عباس وهرمز ، إضافة إلى موانئ على الساحل العماني ، أما الساحل الأفريقي فكانت لعمان فيه قواعد بحرية في ممباسا ولامو وكلوه ومقديشو وزنجبار
وكانت السفينة الحربية ” سلطانة ” من أهم قطع الأسطول العماني وقد أرسلت إلى ميناء نيويورك عام ( ١٨٤٠ م ) بقيادة السفير العماني أحمد بن النعمان تحمل هدايا للرئيس الأمريكي فان بورين (van buren) .
وكانت الموانئ العمانية مهيأة لاستقبال أكبر السفن من الدول الصديقة التي ترتبط معها بعلاقات تجارية. وتشير تقارير قناصل وقادة الأساطيل الأوروبية إلى التسهيلات التي كانت تقدمها سلطات الموانئ العمانية إلى تلك الأساطيل ..
وتمثل البحرية السلطانية العمانية حاليا امتداداً للملاحة البحرية العمانية ، حيث تمتلك أسطولاً من السفن الحديثة يضم مجموعة من الفرقاطات ، والزوارق ، وسفن المدفعية والإسناد ، والمسح البحري للشواطئ، كما يتوافر لها عدد من القواعد البحرية التي تشمل خدمات لوجستية وهندسية وإدارية. وبفضل القوة البشرية المؤهلة والمدربة استطاعت البحرية السلطانية العمانية أن تحظى بتقدير المجتمع الدولي واحترامه في حماية المصالح الوطنية الإستراتيجية والأمنية ، بما في ذلك سلامة الملاحة في مضيق هرمز …
التعليقات مغلقة.